يكاد الهوى يتجسد عينًا في صنيع الأنجري وهو يضعّف حديث سبرة بن معبد في صحيح مسلم، الذي فيه تحريم المتعة إلى قيام الساعة.

وحاول بأي طريق دفعه، حتى ولو طعن بنسبه من أبيه وجده، وهذه بعض السقطات في محاولاته لدفعه، فعنده لم يحتج به أحد قبل مسلم ٢٠٦- ٢٦١، مع أنه في مسند أحمد [١٦٤-٢٤١هـ]، واحتج به بل بلفظه، ففي مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي فصل بعنوان: [سياق جمل من اعتقاده] وفيها قال أحمد: “والمتعة حرام إلى يوم القيامة”، وهو لفظ حديث سبرة.

وزعم أن يحيى بن معين يضعف حديث المتعة (٢)، بحجة أنه ضعف راويًا له وهو عبد الملك بن الربيع، وهذا باطل، إذ الحديث وإن رواه عبد الملك فقد رواه غيره عن سبرة، فقد رواه عنه عمر بن عبد العزيز، وصالح، والزهري، وعبد العزيز بن الربيع، و{عبد الملك بن الربيع}، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وعمارة بن عزية، والليث بن سعد، فضعف ابن معين عبد الملك (وخالفه غيره فوثقه) والرواية لا تدور على عبد الملك.

بل تجده يتناقض في نفس الموضع فيقول: “يحتمل كلام ابن معين أنه يضعف عبد الملك وأباه وجده، ويحتمل أنه يضعف أحاديث عبد الملك عن آبائه… وهذا أصرح كلام إمام من أئمتنا في رد حديث سبرة” (٣)، فإن كان يحتمل هذا ولا يحتمله، فمن أين جاءت الصراحة في رد حديث سبرة، بل قصارى ما فيه رده لحديث عبد الملك، وكما هو معلوم بأنه عند الاحتمال يبطل الاستدلال فكيف يكون صريحًا بل الأصرح؟ لكنه الهوى.

نقل كلام البيهقي بأن الحديث وقع فيه “اختلاف وقع في تاريخه، وقد أخرجه مسلم في صحيحه واعتمد روايات من رواه عام الفتح لأنها أكثر” فلم يفهم كلامه أو تعمد المغالطة فقال: “هذا اعتراف باضطراب حديث سمرة” (٤)

والحديث المضطرب هو الذي يقع فيه الاختلاف بحيث تتساوى كل الوجوه في القوة، دون إمكان الجمع، فكلام البيهقي يرد الاضراب كونه يقول [لأنها الأكثر] فهذا ليس مضطربًا للترجيح بالكثرة، ونسبة الوهم إلى القلة، فأين التساوي في القوة ليقول هذا اعتراف بالاضراب؟ ولذا قال ابن حجر “والرواية عنه بأنها في الفتح أصح وأشهر”، فأين هذا من الاضراب؟


(١) زواج المتعة قراءة جديدة في الفكر السني، محمد بن الأزرق الأنجري، رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى: ٢٠١٦، ص١٣٥. (٢) المصدر نفسه، ص١٣٨. (٣) المصدر نفسه، ص ١٣٨. (٤) المصدر نفسه، ص ١٤٠.