عن الأزهر… (٢)

يمكن القول بأن الأزهر أخذ عناية بشكل أكبر في عهد محمد علي باشا وسلالته الحاكمة، وأن محاولته لتقوية حكمه في مصر وإرساله البعثات العلمية كانت يوازيها محاولته لتعزيز سلطته في الشق الديني ومن هنا كان الأزهر يزيد دعمه.

ومع ذلك تبقى الصورة وردية إن علمنا أن تزايد أعداد الطلبة في الأزهر لم يكن لأهداف علمية صرفة، فقسم من الفقراء والعميان نزلوه لتحصيل الجراية من أكل وشرب مع ضمان المبيت، وقسم كان لتحصيل الإعفاء من العسكرية وحتى نهاية القرن ١٩ كان عدد الطلبة مهولًا مقارنة بالامتحانات التي تعقد، حيث كان عدد الطلبة ١٢ ألف ويزيدون، لكن الامتحانات تكون كل سنة ل٦ طلاب والنجاح ليس مضمونًا!

وكان اتجاه الطلبة يحدده كمعيار عام فرص العمل، فتجد الطلبة من الصعيد لا يركزون على حفظ القران، بخلاف غيرهم بناء على العمل بذلك في الموالد والعزاءات ونحوها، كما أن طلبة الفقه الحنفي ترايدوا لانحصار القضاء بالمذهب الحنفي وهكذا.

ومع تقدم الزمن كانت تزيد بعض القوانين مثل تحديد سنوات الدراسة بالأزهر إذ قبل هذا التحديد كان العديد من البطالين يمضون أعمارهم فيه دون أي تخرج، كما أن بعض الطلبة كان يثبت اسمه في سجل الطلبة وهو لم يحضر الدروس لسنتين.

وهذا يظهر سماجة تلك الدعاية من أحد شيوخ الأزهر وهو يقول إنهم كانوا يدرسون ربع كتاب في الفقه مثلًا في ١٠ سنوات ونحو هذا الكلام، حتى يفهموه فتحديد السنوات الذي جرى عليه الأزهر لمدة قريبة مما ذكره من بداية الدخول حتى التخرج ويحصل على إجازة العالِمية يفضح أمثال هذه الدعاية.

وكانت السلطة الحاكمة تستأثر دومًا في تعيين من ترتضيه، وعلى سبيل المثال عين الخديوي الشيخ مصطفى عبد الرازق شيخًا للأزهر رغم أنه لم تنطبق عليه القوانين السابقة في تعيين مشايخ الأزهر، لكنه تجاوزها وارتضاه وضم إلى سلك التعيينات.