الرد على الشبهات

سميت الشبهة باسمها لأنها تشبه الحق وليست بحق، وهناك من يعتبر نفسه رادًا على الشبهات، دون أن يكون درس ما يعتبره حقًا، فكيف سيكون رادًا، وبأي معيار سيعرف أن ما يرده شبهة، فقد يكون دافع الحق من حيث لا يدري.

فتجده نصرة لمذهب يحرف آية، أو يدفع إجماعًا، أو يعلل حكمًا بعلة مستحدثة لتلائم عقل مخالفه، وهو في ذلك كله خارج عن قواعد الأصول، متجاوز لضوابط الفقه وقواعده، وبعدها يقول رددت على شبهة.

الواقع أن أكثر الشبهات تثار من أولئك الذين يزعمون ردها، وما أكثر الفرق التي انتصب العلماء للرد عليها إلا تلك التي تصدرت وزعمت أنها ترد على الشبهات في التوحيد وغيره، ثم ما لم يكن الراد ضليعًا متبحرًا في مذهبه أي وزن للحوار معه؟

لذا قال الغزالي إن المناظرة في الفقه لا تكون إلا بين مجتهدين في مذاهبهم، بحيث لو كسر واحد في المناظرة لا يقال هو لا يمثل المذهب، أو حتى أنه لم يتأهل في تصور مسائله، ومسالك استدلاله.

والجدال يغري بالغلبة والرفعة، والمنهمكون بهذا دون قواعد تضبط معارفهم يقربون أحيانًا من السفسطة، فيعارضون قول كل طائفة بقول من رد عليهم، دون ضابط منهم لقبول الحق ورد الباطل بل الغرض يضحي هو الإفحام والإلزام دون معرفة الحق بنفسه.

فلا يوجد شيء اسمه رد الشبهات عن الرياضيات مثلًا دون عالم بها، أو في التاريخ أو أي فرع معرفي لغير عالم به، إلا كان كرامٍ لنرد لا يدري أيصيب من الحق جزءًا أم من الباطل أجزاءً.