بعض عينات الكتب التي أحدثت انبهارًا في الوسط الإسلامي هي مجرد عرض لعناوين تجري فيها بحوث لا أنها بحوث بنفسها، مع شيء من ليّ اللسان.

تجده مثلًا يقول:

“على العقيدة أن لا تكون صرحًا نظريًا بلا عمل، وأن تتحرك لإحداث انقلاب إسلامي، وأن لا تتقاطع مع الجاهلية في منتصف طريق، وأن لا تختلط بالفلسفات التي لا تمثل الدين، فلها خصائص ليست في غيرها مثل الشمول والوسطية والربانية.”

هذا النص لا يوجد فيه أي فائدة، لأنه نفسه لم يشرح العقيدة نفسها، ومن أي إطار نظري متسق سيتحد مع العمل وكيف ستتحدد أهمية العمل وفق إطار نظري، حتى اصطلاح إسلامي هذه لابد من توضيحه فلو رجعنا إلى كتاب اختلاف الإسلاميين للأشعري الذي هو في بيان اختلاف الإسلاميين حصرًا، سنرى كمية الخلافات الهائلة في هذا، فالإسلامي له قراءة ومفهوم للإسلام، هذا المفهوم يختلف من فرقة لأخرى تبدأ الخلافات من التصورات للإلهيات إلى ما بعد ذلك، وما عند قسم كفر هو من صميم الحق عند آخرين.

وإذا راجعنا كتب الأصول سنجد خلافات هائلة في طرق الفهم، وحجية أدلة ونحو ذلك فبقي الكلام في النص السابق مجملًا يمكن لأي كان أن يفهمه كما يريد، لذا يمكن أن تجد من يردد مثله من الفرقاء على مفاهيم مختلفة دون حسم من نفس الكلام لصالح أحدٍ منهم.

والكلام الإنشائي سهل مثل الحديث عن عدم اختلاط الإسلام بفلسفة ليست منه، فهذا تسلمه كل الفرق الإسلامية التي ترمي كل واحدة منها خصومها بأنه دخل عليها فلسفة ليست من الإسلام.

وهكذا فإن مثل تلك الكتابات تتحدث عن عناوين، مثلا ارتباط الفكر بالعمل والسؤال كيف يكون هذا، وفق صرح نظري شامل متسق، كيف يتم تنقية العناصر الدخيلة وفق أي منهج ونحو هذا، أما ما سبق فيقوله كل أحد وليس هو البحث ولا تحقيق مجرد عناوين عامة يمكن لأي كان أن يقولها، وليس فيه فضلة علم ولا بيان.