الأمور واضحة ينقصنا التطبيق (١)
لعل هذه من أكثر الجمل التي تختزل عقلية كثير من الإسلاميين، دون تحديث منهم لمصطلحاتهم وآرائهم أمام أي تجربة، فالوضوح الذي يمنح الثقة ويكسب أنصاره اليقين يجعلهم يتصورون الأمور مختزلة في جمل ليست بالوضوح الكافي لدى غيرهم.
نسبة هائلة من تركة المثقف الإسلامي كانت حصيلة قراءات في الأدب، كوراثة لنتائج الحركة القومية التي عمت فترة في العالم العربي، وبرز فيها أسماء لامعة تنافست في هذا الميدان، طه حسين، العقاد، محمود شاكر، سيد قطب، وغيرهم.
سيد قطب كان له يد طولى في إنشاء لغة تحل محل لغة الفقه الاصطلاحية وقواعد الأصول والنقاشات الكلامية، تم اختزال الأمر للحديث عن الجاهلية، الحاكمية، العصبة المؤمنة، ونحو ذلك وهي وإن ظهرت للعديد من قرائها واضحة بينة، إلا أنها غامضة لدرجة الإبهام.
هذا الإبهام هو الذي أثر في العديد من التالين له، تجد على سبيل المثال رفاعي سرور يقول:
“الاستفزاز الجاهلي للحركة الإسلامية بأنها لا تملك برنامجًا سياسيًا أمر لا يجب الاستجابة له”!
فما معنى “جاهلي” هنا؟ أو “حركة إسلامية”؟ ثم ألا يتصور أن يوجد مسلم يسألك عن برنامجك السياسي؟ ثم أين الاستفزاز في هذا السؤال؟
أما الجواب بنظره الذي يختصر عقلية الذين تحكمت بهم لغة أدبية-في أحسن الأحوال-هو قوله:
“شعارنا في الرد على أصحاب هذا الاستفزاز: أعطني واقعك، أعطك برنامجي”!
فهو يريد أن يستلم الحكم وبعدها “يحلها ألف حلّال”، بهذه اللغة تم اختصار كل الحكاية، بكلمات غير مفهومة تنتهي دعني أحكمك ووقتها ترى برنامجي.