المعدوم مأمور عند الأشعري، والجويني يبين الإشكالات عليه
الأشعري قال بالكلام النفسي، بلا حرف ولا صوت ولا حدوث، ومن الإشكالات على هذا كيف يأمر الله بكلامه النفسي من لم يخلق بعد، يقول الجويني مبينًا كيف تدرج الأمر بالأشعري:
“هذه المسألة إنما رسمت لسؤال المعتزلة؛ إذ قالوا: لو كان الكلام أزليًا لكان أمرًا، ولو كان أمرًا لتعلق بالمخاطب في عدمه” (١).
ومن هنا تحرك الأشعري فرأى أنه “إذا بيَّنا أنه لا يمتنع ثبوت الأمر من غير ارتباط بمخاطب اندفع السؤال، فآل الأمر إلى أن المعدوم مأمور على شرط الوجود، وهذا منتهى مذهب الشيخ [الأشعري]” (٢)، فالأشعري يريد أن يبين أن الأمر لا يلزم منه وجود مأمور حتى يدفع كلام المعتزلة عليه.
وهنا يعارضه الجويني وينقد كلام الأشعري فيه، فيقول: إن فيه “غائلة هائلة” (٣)، ويشرح هذا فيقول:
“إن ظن ظان أن المعدوم مأمور فقد خرج عن حد المعقول، وقول القائل: إنه مأمور على تقدير الوجود تلبيس، فإنه إذا وجد ليس معدومًا، ولا شك أن الوجود شرط في كون المأمور مأمورًا” (٤)
————————— (١) البرهان في أصول الفقه، أبو معالي الجويني، حققه: عبد العظيم الديب، دار الأنصار، القاهرة، ص٢٧٤. (٢) المصدر نفسه، ص٢٧٤. (٣) المصدر نفسه، ص٢٧٣. (٤) المصدر نفسه، ص٢٧٤.