“إن قيل: أيجب على سكان البوادي أن يسعوا في ابتناء مدينة ليقيموا الجمعة فيها؟
قلنا: هذا الآن من فن الخرق فإن المتبدين غير مأمورين بالجمعة”
(البرهان في أصول الفقه، أبو معالي الجويني، حققه: عبد العظيم الديب، دار الأنصار، القاهرة، ص٢٦٠.)
الجويني صارم في التعامل مع الخلافات، كما فعل في كتابه الغياثي وغيره، فليس كل استشكال يحترمه لذا يسمي هذا بفن الخرق، من الجهل والحماقة.
والمسألة المذكورة هي “ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب” فالأمر بالصلاة يتضمن الأمر بالوضوء، حيث إن الصلاة لا تتم بدون الوضوء.
والمستشكل قفز إلى مسألة أخرى وهي ما لا يتم الوجوب إلا به، فهذا لا يجب تحصيل وسائله حتى يصير المكلف مخاطبًا بالواجب، فلا يقال يجب تحصيل المال البالغ النصاب حتى تجب الزكاة، فهو لم يخاطب في حال فقره بوجوب الزكاة بخلاف الصلاة فهو مخاطب بها.
والمسألة المذكورة كمثال تتحدث عن الوجوب لا إيقاع الواجب، فأهل البادية لا يخاطبون بصلاة الجمعة، إنما هي على أهل المدن، فلا يجب عليهم تحويل باديتهم لمدينة حتى يصلوا الجمعة.