نسبة الأقوال إلى قائليها من بركة العلم.

هذه الكلمة قالها كثيرون، وهي متأكدة جدًا في البحوث المعرفية والعلمية، لا معنى أن تقرأ كتابًا فتعيد أفكاره دون أي إشارة إليه وتنسبه إلى نفسك، إلا وقد شهدت على نفسك بالقصور والطفيلية على جهود غيرك. كيف تحرم نفسك من بركة العلم؟ أقلها أنّ من رأى أنك هضمته حقه مرة، لن يطلعك على شيء بينك وبينه قبل أن يكون أطلع الناس عليه، وحقق نسبته إليه، وبالتالي فلا مجال أن يراجعك، أو يناقشك في مسألة وهو يفترض أنك ستعيد كلامه فيها على أنه كلامك. وبالتالي ستحرم نفسك من الاطلاع على أي بحوث خاصة بينكما، بل لن يتورط ليعرض عليك فكرة أو اقتراحًا سيكتب فيه، فقد تسبقه إلى حرقه لتشوفك أن ينسب إليك دونه، وبهذا تحرم نفسك حتى من المراجعات الشفهية بينك وبين غيرك، وبهذا تقل مصادرك من المعرفة، وتنزع بركة العلم. الأمر الآخر، أن أي فكرة مهما بدت ساذجة، من يسرقها ليس كمن يصقلها، فهو أدرى بها، وأعرف بمكامن قوتها وضعفها، فمن يأخذ فكرة دون أن يحققها بنفسه، ودون أن ينسبها لصاحبها يلحقه قصور من جهة تحقيقها، وقد يضن صاحبها بهذا عليه، فأي فوات للبركة أكبر من هذا؟ دع عنك الأخلاقيات، من عدم نسبة الفضل إلى أهله، والتشبع بما لم يعط، وقول الزور وشهادة الكذب، ففي هذا تحطيم لملكة الإبداع عند المرء على حساب شره الانتزاع والغلبة على فكرة غيرك، مما يكون على حساب الدراسة الجادة، وانفتاح الأفق الذي يلد فكرة هو صاحبها بحق.