يدعي حامد عبد الصمد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يشك في زوجاته، ولذا شدد الرقابة عليهن، وبطريقة درامية يعرض ما يراه مغززًا لافتراضه هذا، فقال:
“عاد محمد إلى بيته ليجد اثنتين من زوجاته تتحدثان مع رجل أعمى، انتابه حالة من الغضب العارم، وطالب بمعرفة السبب الذي جعلهما تعصيان أمره في حجب نفسيهما، وعندما احتجت إحدى زوجتيه قائلة إنه أعمى، أجاب محمد غاضبًا: أفعمياوان أنتما؟!”
(الفاشية الإسلامية، حامد عبد الصمد، دار ميريت، القاهرة، ٢٠١٩م، ص١٥٨، ١٥٩)
وما قاله زيادة رتوش في أحداث قصة (مختلف في صحتها) لتلائم غرضه الدرامي، وأصل القصة ما رواه أبو داود وغيره عن أم سلمة، قالت:
“كنت عند رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمرنا بًالحجاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم احتجبًا منه فقلنا يا رسول اللهِ أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه”
هذا الحديث مختلف في صحته، وكما نرى ليس فيه أنه عاد ووجدهما مع أعمى، ولا أنه غضب، ولا أن واحدة حاججته، إنما سألته.
وعلى القول بصحته، فليس فيه أي إشارة لمزاجه الفرويدي في تفسير الأحداث، فابن مكتوم كان رجلًا أعمى، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولباس الناس وقتها قليل وفيه خروق ونحو ذلك، لذا جاء في صحيح البخاري النهي عن رفع النساء رؤسهن من السجود قبل أن يستوي الرجال جلوسًا، لقلة ذات اليد وقلة اللباس حينها.
فكيف برجل أعمى لا يشعر إن انكشف منه شيء، لذا قال ابن حجر: “في قصة الحديث الذي ذكره نبهان شيء يمنع من رؤيته لكون ابن أم مكتوم كان أعمى فلعله كان منه شيء ولا يشعر به” (فتح الباري)
فكان أمره لهن بالاحتجاب أي أن يكن وراء حجاب، حتى لا يحرج ابن مكتوم، ولا يضيق عليه في جلوسه، فانظر هذا مما فهمه حامد المذكور!