“أسطورة وأد البنات التي أنهاها محمد. فلو كان يقتلون بناتهم، فمن أين أتت كل هؤلاء النساء اللاتي تزوجن محمد وأصحابه… بل كيف لم ينقرض العرب أصلًا؟”
(الفاشية الإسلامية، حامد عبد الصمد، دار ميريت، القاهرة، ٢٠١٩م، ص١٦١.)
هذا يظهر قدرات حامد وأمثاله العقلية في التحليل فضلًا عن النقد، فالقانون الأخلاقي كما هو معلوم لا يصح نقضه بالوجود الواقعي، فالخلق هو المفترض لا يشترط فيه أنه كائن.
مثال:
١-الإسلام حرم الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم هل يصح بعدها أن يقال، لو كان هذا صحيحًا فمن جاء بالحديث الموضوع! [المكذوب].
٢-حرم الإسلام وغيره من أديان قتل البريء لكن في الواقع يوجد من يفعل هذا من المسلمين أو غيرهم.
أما في جانب الإدانة الأخلاقية، فتصح الإدانة بجريمة واحدة، فالقاتل للبريء هو قاتل مجرم، حتى ولو لم يكررها، فلا يقال: لو كان قاتلًا لماذا لم يقتل فلانًا وفلانًا ممن لم يقتلهم، فالإدانة لمن قتلهم لا لمن لم يقتلهم.
ولذا لما يتم اعتقال قتلة متسلسلين، هل يقال هذا ليس قاتلًا كونه لم يقتل من معه في الزنزانة، لم يقتل والده، فهو قاتل لتنفيذه القتل في حالة، لا يشترط أن يقتل كل من يصادفه.
ويصح نسبة الجميع إلى الجريمة في حال سوغوها ولم ينكروها ومثاله قوله تعالى: (وإذ قتلتم نفسًا فادارأتم فيها)، فلم يباشروا كلهم قتل النفس، لكن لما حصل الكتم والتسويغ والاعتذار نسب إليهم كلهم.
وبديهيًا أن وأد البنات لم يشمل كل البنات، فهذا معلوم لا يحتاج إلى استشكال نظري مثل ما قاله، وحتى من كانوا يقتلونهن لم يعمموا الأمر على الجميع بل كانوا يتعللون بحجج تقييدية مثل الفقر، ولذا قال تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق)، والأولاد هم من يولدون تشمل الإناث وليس مثل الاصطلاح العصري العامي.
فبعض البنات كن يقتل لا تنقض بالقول لماذا بقي غيرهن، ووقوع جريمة وتسويغها لا يشترط تنفيذها على الكل وإلا نفيها تمامًا.