أحمد بن حنبل يروي عن يزيد بن معاوية في (كتاب الزهد).
اشتهر بين كثير من الناس الجزء الذي حققه محب الدين الخطيب من كتاب (العواصم من القواصم) لابي بكر بن العربي المالكي، المهم في هذا الكتاب قال ابن العربي عن يزيد بن معاوية:
“وهذا أحمد بن حنبل على تقشفه وعظيم منزلته في الدين والورع، قد أدخل يزيد بن معاوية في (كتاب الزهد) أنه كان يقول في خطبته: إذا مرض أحدكم مرضًا فأشقى ثم تماثل، فلينظر إلى أفضل عمل عنده فليلزمه ولينظر إلى أسوأ عمل عنده فليدعه “. وعلق عليه ابن العربي بقوله:
“وهذا يدل على عظيم منزلته عنده حتى يدخله في جملة الزهّاد من الصحابة والتابعين الذين يقتدى بقولهم، ويرعوى من وعظهم ما أدخله إلا في جملة الصحابة، قبل أن يخرج إلى ذكر التابعين”. (العواصم/تحقيق محب الدين الخطيب، ص245، 246.)
وتناقل هذا كثير من الناس كلهم عن ابن العربي، والواقع:
1- لا وجود لهذا الاقتباس في كتاب الزهد لأحمد بن حنبل!
2- ما في (كتاب الزهد) مخالف تمامًا لهذا، ففيه أن يزيد بن معاوية خطب ابنة أبي الدرداء، فرفض، فخطبها غيره، فأذن أبو الدرداء، فانتشر هذا الخبر بين الناس، فقال أبو الدرداء: “ما ظنكم بالدرداء، إذا قامت على رأسها الخصيان، ونظرت إلى بيوت يلتمع فيها بصرها، أين دينها منها يومئذ؟”. (الزهد، أحمد بن حنبل، وضع حواشيه: محمد عبد السلام الشاهين، ص116، 117.)
3- موقف أحمد بن حنبل من الكتابة عنه جاء في كتاب (السنة للخلال) حيث سأله مهنا عن يزيد بن معاوية"هو فعل بالمدينة ما فعل؟ فقال “قتل بالمدينة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفعل، قلت: وما فعل: قال نهبها، قلت: فيذكر عنه الحديث؟ قال: لا يذكر عنه الحديث، ولا ينبغي لأحد أن يكتب عنه حديثًا”. (السنة الخلال، دراسة وتحقيق: عطية الزهراني، ج1، ص520، قال محققه: إسناده صحيح.)
4-وقد ألف عبد المغيث ابن زهير الحنبلي جزءًا في فضائل يزيد، ورد عليه ابن الجوزي الحنبلي بجزء (الرد على المتعصب العنيد، المانع من ذمّ يزيد)، وكلاهما منتسب لأحمد، وقد طبع كتاب ابن الجوزي، ورد فيه على حجج عبد المغيث، فلا يوجد فيه لهذا ذكر ولا أدنى إشارة، مع شدة الحاجة للاحتجاج به لكسر حجة خصمة، أو الرد على هذا من ابن الجوزي.
#الخلاصة: وهم ابن العربي، ولم يذكر هذا أحمد بن حنبل، وتابعه على وهمه كثيرون تقليدًا.