رأيت فتوى من أحدهم جاء فيها ما معناه: “التكفير العينيّ من خصوصيات القاضي”. وهذا كذب، فليس هذا من خصوصيات القاضي، كما أن الحكم بإسلام امرئ ليس من خصوصيات القضاء، إنما هذا القول محدث، وهو من محدثات القرن العشرين، وهو باطل، فكما أن الكافر الأصلي لما يدخل في الإسلام يذهب إلى الشؤون المعنية لتحويل ديانته في الهوية إلى مسلم، إلا أن الحكم بإسلامه يبدأ من نطقه بالشهادة، حتى ولو لم يغير ما في بطاقته، ولا توجه إلى قضاء، ولا حوّل بطاقته، كذلك من فعل كفرًا مجمعًا عليه، كأن أعلن إلحاده، فإن هذا لا يتوقف على قاضٍ ليحكم بأنه خرج من الإسلام، فهذا قول محدث وقائله لا يدري ما يخرج من رأسه. ويتفرع عليه ما يتفرع على الأحكام الشرعية المذكورة في الفقه، كحرمة أكل ذبيحته، وحرمة الصلاة عليه، ونحو ذلك، فهذا القول تلاعب بالأحكام، بل الواقع أن العلماء اختلفوا هل يحكم القاضي فيما هو من شؤون المفتي، لا أن المفتي لا يحكم فيما يقول به القاضي! إنما الفرق بين المفتي والقاضي من جهة نفوذ الأحكام، لا صحتها، والقاضي يحكم بالمعين أما المفتي فيحكم بالمعين والعام، فالقاضي يلزم غيره بحكمه بالسلطة التي يمتلكها، وقد يقضي القاضي حكمًا باطلًا، والجمهور أنه لا ينفذ باطنًا، كأن يحكم القاضي بأن هذه زوجة فلان، وليست له بزوجة، فإن الجمهور لا يقولون بنفوذ قضائه باطنًا، وأحمد منعها من التزين له، وإن استطاعت أن تفر إلى أهلها فعلت، ونحو ذلك. فهذا وأمثاله من التلاعب بأحكام الشريعة.