نقد كلام حسان الصومالي في مسألة العذر بالجهل(6)

يستدل هذا الرجل بغير الأدلة على زعمه، ويحاول جمع أقوال لا تدل على مطلوبه، ومن ذلك قوله:

“قال جل ذكره: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) فأخبر أن المؤمن قد يكفر برفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم والجهر له بالقول كجهر بعضنا لبعض وهو لا يعلم.” وزعم أن هذا دليلا “أخص في الكفر” وزعم وأنها تدل على عدم العذر بالجهل (وكلامه في الصورة أدناه)


فيقال لا تلازم بين إحباط العمل وبين الكفر، وقد تبطل الصدقات بالمن والأذى وليس المن كفرًا، فهل الآية هذه خاصة في الكفر كما زعم؟

قال القرطبي:

“وليس الغرض برفع الصوت ولا الجهر ما يقصد به الاستخفاف والاستهانة ; لأن ذلك كفر والمخاطبون مؤمنون . وإنما الغرض صوت هو في نفسه ، والمسموع من جرسه غير مناسب لما يهاب به العظماء ويوقر الكبراء ، فيتكلف الغض منه ورده إلى حد يميل به إلى ما يستبين فيه المأمور به من التعزير والتوقير”

ووجه خشية الإحباط قاله ابن كثير:

“وقوله : ( أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ) أي : إنما نهيناكم عن رفع الصوت عنده خشية أن يغضب من ذلك ، فيغضب الله لغضبه ، فيحبط الله عمل من أغضبه وهو لا يدري ، كما جاء في الصحيح : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يكتب له بها الجنة . وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار أبعد ما بين السماوات والأرض " .

فقوله (لا تشعرون) هنا لا يعني لا تعلمون الحكم بل لا تلقون بالا لجزاء فعلكم وهو لا يجوز.

وقد تنبه العلماء لخطورة أن يستدل بهذه الآية رجل كما فعل الصومالي، فسجلوا في كتبهم إنكار مثل قوله، ومن ذلك قول القرطبي:

“وليس قوله : أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون بموجب أن يكفر الإنسان وهو لا يعلم ، فكما لا يكون الكافر مؤمنا إلا باختياره الإيمان على الكفر ، كذلك لا يكون المؤمن كافرا من حيث لا يقصد إلى الكفر ولا يختاره بإجماع . كذلك لا يكون الكافر كافرا من حيث لا يعلم .”

فانظر إلى قوله (بإجماع) وقارنه بدعوى الصومالي بأن قوله عليه “درج السلف الصالح”