مرة قال أحد طلاب محمد صالح العثيمين في درس له في شرح زاد المستقنع قال السادة المالكية، فأوقف الشرح قليلًا مستفصلًا عن تخصيصه لهم في درس لشرح متن حنبلي بأنهم سادة، فكأنه خشي لمز الحنابلة بهذا ليضحي معناه أنهم ليسوا كذلك بمفهوم المخالفة، حتى قال الطالب كل الفقهاء سادة ونحو هذا. هذا الذي سلكه صحيح وتقويم في الخطاب ومن ذلك ما قاله بكر أبو زيد من تخصيص بعض الكتب بلفظ (عقيدتنا) بأن الكاتب ينبغي أن يبين الاعتقاد في الإسلام لا خصوصية له ليقول عقيدتنا. ومن هذا كلام ابن القيم في تخصيص قوم بشعار كلبس الأخضر كما درج عليه العديد من الصوفية وعدّه من البدع، فإذا كان النهي عن لباس الشهرة فكيف بالترفع عن المسلمين بوصف أو سمة معينة. العديد من الألفاظ تعكس انفصالا عن باقي المسلمين من ذلك قول بعضهم قولوا معشر (السلفيين) آمين لأحدهم وهو يدعو على من نال من شيخه. فهو يشير إلى تجمع خاص يخصصهم بهذا الذكر، ومن خالفه أو خالف شيخه خرج من هذا الوصف، وهذه العقلية التي تجدها بين الشيعة في الدعاء للـ(الموالين) فعندهم علي شخصية فارقة بين المسلمين. محاولات التميز عن باقي المسلمين عديدة فمن ابتكار (زاوية) بجانب المسجد، إلى (حسينية) إلى مركز مخصوص تشد إليه الرحال بخلاف المساجد الثلاثة دينًا بخصوصه، من إتحاف (المريدين) إلى (إتحاف الطالب السلفي) نتحدث هنا عن تجمعات حرصت على التميز عن الباقين بصيغة دينية. وهذا يرينا فرقا بين الخطاب القرآني للذين آمنوا وبين تلك التخصيصات بين المؤمنين، حتى المظهر فتجد بين من يلبسون العمامة تمايزا في هيئتها كسمة على مكانته الاجتماعية أو هيئته الطائفية ويحتجون بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبس العمامة. فمن عمامة على طربوش تركي كمخلفات للفترة العثمانية تنتشر بين المفتين في المحاكم الشرعية في العديد من البلدان، إلى هيئة شيعية ورمز مختلف بين الأسود والأبيض إلى عمامة تبليغية على طاقية بنقش باكستاني وهكذا. في حين كان يأتي الأعرابي ويرى الصحابة مجتمعين مع النبي فيقول أيكم محمد؟ أما اليوم فتمايز شديد في الأوساط الدينية وقد تعرف رتبهم الاجتماعية من هيئتهم التي يلبسونها للسنة كما يقال.