هناك عبارة شائعة كثيرًا: “الاتجاه العقلاني المعاصر تأثر بالمعتزلة” لا أعرف مسوّغًا لهذه العبارة إلا بافتراض أن الجميع محصور في قراءاته في التراث! وهذا غير صحيح، فكثيرة هي الفلسفات، والقراءة اليوم واسعة جدًا، فلا يفترض جعل كل شيء يلتمس منه مسحة من منظومة فلسفية معينة، بأن مصدرها المعتزلة! بل قد تظهر ضيق عطن من النقّاد، بحيث لا يمتلكون من الأدوات سوى: معتزلة، خوارج، شيعة، إلخ… فكم هي الفلسفات في العالم البعيدة تمامًا عن هذا الإطار، وعن ظروفه، ومع ذلك يحصل التأثر بها، وكثير من هؤلاء= الموصوفين بالاتجاه العقلاني = مع أن هذا المصطلح غير دقيق أبدًا بل لا يفسّر شيئًا، المهم لو سألنا كثيرًا من هؤلاء عن المعتزلة لكانت معلوماتهم ضحلة، أو لربما شبه منعدمة. وأحيانًا ينطبق على من يرفعون هذا التصنيف القول بأن من كبّر حجره لم يستطع رميه، فكثير من تلك الاتجاهات يكون العقل في واد وهم في وادٍ آخر، فلا عقلانية معاصرة ولا ما يحزنون، بل التصنيف هذا هو الذي رفعهم من حيث أراد ذمهم، يفترض بدارسي البلاغة إلحاقه بمثال: مدح بما يشبه الذم! فهل شحرور اتجاه عقلاني معاصر! يا رجل.. قل اتجاه للشيخوخة الذهنية المعاصرة، لا عقلانية ولا معتزلة ولا كل هذا.