من عجائب ما جاء في كتاب (كتب حذّر منها العلماء) لمشهور حسن سلمان.
نقد المؤلف جيرجي زيدان فيما سماها بـ"سموم" (1) عن أبطال الإسلام، وذلك لمحاولته “إثبات أن حريق خزانة الإسكندرية كان بأمر من عمر بن الخطاب” (2)، وذلك لإظهار “رغبة العرب في صدر الإسلام في محو كل كتاب غير القرآن” (3). المهم، قال مشهور بأن هذا غير صحيح، ونسب هذا الكشف إلى النعماني، بأن “المسلمين نظروا في كل الكتب، ونقلوا في تفاسيرهم روايات مختلفة، فيها الغث والسمين، مما نقل إليها من الأديان الأخرى” (4) ثم قال بأن القصة لا تثبت ولا إسناد لها يقوم، وذكر أن “محققي أوروبا قضوا بأن الواقعة غير ثابتة” (5). وهذا جميل. ولكنه غفل أنه نفسه ذكر هذه القصة في أول الكتاب! وحسّن من أمرها، فعقد فصلًا بعنوان: “حرمة بيع كتب الفلسفة والكلام”(6).
وقال: “ذكر حافظ الدين بن محمد المعروف بالكردري ت827هـ حكاية حسنة فيها بيان قيمة هذه الكتب عند الصحابة” (7)، فانظر إلى وصفه لها بالحسنة! ثم نقل عنه القصة نفسها التي صدر الكردري نقله فيها بـ"يُحكى"، وهي صيغة تمريض، توهن الرواية. وفيها: “فكتب إليه عمر رضي الله عنه أما الكتب التي ذكرتها إن كانت توافق كتاب الله تعالى، ففيه غنية عنها، وإن كان غير ذلك فلا حاجة بها، فتقدم بإعدامها، فأخذ عمرو بن العاص في تفريقها في حمامات الإسكندرية، وإحراقها في مواقدها، فنفدت في ستة أشهر” (8).
لكن الشيخ مشهور أعجبه حكاية حرق كتب الفلسفة تلك في ذلك الموضع، ثم عاب نفس القصة لما قالها جيرجي زيدان واعتبرها طعنًا وسمومًا، ولم يفطن إلى وضع حاشية لاستدراك ما سبق منه مدحه في نفس الكتاب، ويتدارك الموقف!
(1)كتب حذر منها العلماء، ج2، ص81. (2) نفس المصدر، ج2، ص78. (3) نفس المصدر والصفحة. (4) نفس المصدر والصفحة. (5) نفس المصدر والصفحة. (6) نفس المصدر، ج1، ص35. (7) نفس المصدر، ج1، ص36. (8) نفس المصدر، ج1، ص36.