قرأت كتاب المستشرق الألماني تيودور نولدكه المسمى بـ (تاريخ القرآن) وهو يتجاوز الـ 800 صفحة.

ودفعني متشوقًا إلى معرفة محتواه ما رأيته من إعلان أحد العرب بأن هذا الكتاب هو سبب كفره بالقرآن، فلما طالعته كان الكتاب يدور في فلك ما نقده إدوارد سعيد في كتابه (الاستشراق)، حيث يتحرك الكاتب في نسق مغلق تمامًا من المستشرقين، وفي وقت يتحذلق فيه في بعض الروايات يتحاكم إلى الكتاب المقدس كأنه أصل محكم ثابت بدون جدال.

غياب المنهجية يلف الكتاب، فمرة يقول أكثر علماء المسلمين قال هذا لما يوافقه، ومرة يرفض أقوال العلماء لما يخالف بحجة أنهم مدفوعون بأسباب عقدية للقول بما قالوه.

جهل تام بعلم الحديث لدرجة أنه يستدل مرات بالبخاري والواقدي ويتجاهل الفروق بين روايتيهما وحال الاثنين بل تجده يخلط بين كتب الرواية وغيرها فتجده يحيل إلى سنن الترمذي وتفسير الفخر الرازي مع أن الأخير ليس مصدرا للرواية وصاحبه ليس من علمائها وهكذا.

وينطلق كعقل أي متحمس لخطاب الكنيسة في القرون الوسطى من اعتبار محمد صلى الله عليه وسلم (ابتكر) القرآن، عانى من الصرع (جنون)، وحتى من صغره!، وأنه مارس الكذب والخداع وهو يغفل أنه مشحون بأسباب عقدية وثقافية في هذا، فيقوم بإسقاط كلامه المنطلق من مركزية أوروبية وروح صليبية، وكأنه الحَكَم على الدين الإسلامي.

ومما يكشف جهله أنه يعتبر الآيات التي ابتكرها مسيلمة الكذاب ونقلها العلماء المسلمون لبيان سخافتها، من الأهمية القصوى في التحدي لإعجاز القرآن البلاغي! وقصده (يا ضفدع يا بنت الضفدعين) ! (والفيل ما الفيل له خرطوم طويل)!!