لماذا لم يقل عبد النَّاصر ما تحدَّثَ به في السِّر علنًا؟
لماذا لم يقل عبد النَّاصر ما تحدَّثَ به في السِّر علنًا؟ تكرَّر هذا السؤال كثيرًا في منشورات تعلِّق على التَّسجيل الصَّوتي للحوار الذي دار بينه وبين القذافي، كيفَ ضحك على الجماهير طويلًا فأسمعهم ما يحبُّون، ولا يكادون يذكرونه إلا بشعارات معاداة الإمبريالية، والمطالبة بالتَّحرر والكفاح، لكنه في حوار خاص مع زعيم آخر يقول غير ما قاله للجماهير، إنَّ من يُلقي هذا التعليق يُلمحُ إلى أنَّه قد أضحى ناضجًا كفاية ومنفتحًا على النقاشات السِّياسية، إنه (مواطن) يراه حقًا للمواطنين فهو في مصير مشترك في البلاد، لهم أن يعرفوا إلى أين يذهبون في الحرب والسِّلم والاتفاقات، ذلك زمن سحيق! واللوم في وجهة نظر هذا المعلِّق يتوجه إلى سياسي حصرًا فهو منفرد احتكر الفضاء السِّياسي! فالنخبة-لله درُّها-رفعت من مستواها بل من مستوى الجماهير التي تستمع إليها، فتطوَّرت وأضحت ترى غرابة الدبلوماسية السِّرية القديمة تلك! وتنفِرُ عن احتكار الحديث في الشَّأن العام وصناعته والقرار فيه، فالجماهير لا مشكلة لديها البتة في سماع ما يدور حولها، بل لديها حق اسمه: حق الوصول إلى المعلومات والعياذ بالله! ...